تعد الخبرة القضائية طريقة من طرق الإثبات الضرورية التي يعوّل عليها القاضي في التحقق، وهي من الوقائع القانونية التي أصبح لها الصدارة على ما سواها من طُرق الإثبات، خاصة بعد اتساع دائرة المعاملات التجارية والمدنية، ودخول وسائل الاتصالات الحديثة في دائرة تلك المعاملات واتخاذها وسيلة للتعاقد.
إذا عرض على القاضي منازعة تتضمن أموراً معقدة يتوقف فصل النزاع فيها على معرفة متخصصة بها، يقوم القاضي بالاستعانة بأهل المعرفة والعلم في المسائل العلمية والفنية مما يساعده على الفهم الصحيح لوقائع النزاع.
يطلق على هؤلاء اسم الخبراء ويعدون من أعوان القضاء، مما يؤكد أهمية الدور الذي يلعبه الخبير، وتأثيره وفاعلية النتائج التي يصل إليها.
يُعد مكتب فرحات وشركاه من أكبر مكاتب الخبرة التي لها باع طويل في المجال كخبراء معتمدون أمام المحاكم في دولة الإمارات وقد انجزوا العديد من قضايا الخبرة.
ينظم شؤون الخبراء القانون الاتحادي رَقَم (7) لسنة 2012 – قانون الخبرة الاماراتي الجديد – في شأن تنظيم مهنة الخبير أمام الجهات القضائية ولائحته التنفيذية، والقانون الاتحادي رَقَم (10) لسنة 1992 بشأن الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية، والقرار الوزاري رَقَم 575 لسنة 2014 في شأن ندب الخبراء عن طريق إدارة شؤون الخبراء الفنيين.
هل تود الاستفسار بشأن هذا الموضوع؟ اضغط هنا الآن أو من خلال الواتساب من هنا
من يحق له مزاولة مهنة الخبير
مضمون القانون الاتحادي المنظم لمهنة الخبرة أمام القضاء رَقَم 7 لسنة 2012 – قانون الخبرة الاماراتي الجديد – الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة نص على الاستعانة برأي الخبراء المختصين، وشدد على أنه لا يجوز لغير الخبراء مزاولة مهنة الخبرة أمام جهات القضاء في الدولة ([1]).
استثنى القانون الخبراء الذين يتفق عليهم من قبل المتخاصمين في الدعوى، وذات القانون منح الجهات القضائية المحلية إمكانية وضع القواعد والضوابط اللازمة لمزاولة مهنة الخبرة لديها بشرط ألا يتعارض مع هذا القانون.
كما اشترط القانون عدد من المواصفات التي يجب توفرها في المقيدين بجدول قيد الخبراء بوزارة العدل وأن يكون لديه موافقة من الجهة التي يعمل لديها.
الخبرة القضائية في محاكم دبي
صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أصدر قرار مجلس الوزراء رَقَم 6 لسنة 2014، بشأن اللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2012، في شأن تنظيم مهنة الخبرة أمام الجهات القضائية، ووفقاً لقراره، لا يجوز لغير الخبراء مزاولة مهنة الخبرة أمام الجهات القضائية في الدولة، ويستثنى من ذلك الذين يتم الاتفاق عليهم من قبل الخصوم في الدعوى، وتوافق المحكمة على هذا الاتفاق، أو ذوي الاختصاص الذين ترى الجهات القضائية الاستعانة بهم.
ما هي مهنة الخبرة؟
عرف قانون تنظيم مهنة الخبرة أمام الجهات القضائية مهنة الخبرة القانونية بأنه: عمل فني يمارسه أشخاص متخصصون بناء على التكليف الذي تأمر به الجهات القضائية، ويمكنهم تقديم تقريرهم الفني أو العلمي عند الاقتضاء حسب تخصص كل منهم، كما عرف مصطلح الجدول بأن المقصود به هو جدول قيد الخبراء بالوزارة.
أما الخبير فبحسب تعريف القانون هو الشخص الطبيعي الذي يزاول مهنة الخبرة، والمقيد بالجدول، ويحكم عمله ميثاق يمثل مجموعة القواعد والضوابط التي تنظم عمل الخبير.
إحالة الدعوى للخبرة الفنية في دبي
محاكم دبي وفي إطار سعيها للارتقاء بنظام الخبرة الذي يعمل على حل تراكم القضايا وتسريع البت فيها، وحدت تقارير الخبرة التي يعدها الخبراء، واعتمدت التقارير الصادرة عنها مرجعاً موثوقاً لدى القضاة في أثناء النظر في القضايا ذات الجوانب التخصصية، مثل القضايا التي ترد إليها وتكون ذات جوانب هندسية، وطبية، ومحاسبية وغيرها من المواضيع التي ترد إلى محاكم دبي.
وقد أجازت المادة (69) من قانون الإثبات لعام 1992م للمحكمة عند الاقتضاء أن تحكم بندب خبير أو أكثر من بين موظفي الدولة، أو من بين الخبراء المعتمدين في جدول الخبراء، وحددت أن نطاق عمل الخبير هو من المسائل الفنية التي يصعب على القاضي بثقافته العامة معرفة كل جوانبها، لأنها تحتاج إلى دراسة مُعمقة ودقة كبيرة.
الخبرة في المجالات التخصصية
تدخل الخبرة المطلوبة قضائياً في العديد من المجالات المهنية العلمية، ومن أبرز مجالات الخبرة هي مجال البينات التي تحتاج إلى تفسير طبي مثل تحديد أسباب الوفاة في جرائم القتل، وهو من ضمن اختصاص الطب الشرعي.
وكذلك البينات التي تحتاج إلى تفسير خبرة في المجال الهندسي بمختلف تخصصات الهندسة في حالة نشوء نزاع أو خلاف حول تقدير الكلفة، أو مطابقة المواصفات، وبيان عيوب المباني وسبل إصلاحها.
تكثر الدعاوى في مجال التجارة والعمليات ذات الطابع المحاسبي وهو ما دعا القضاء إلى اللجوء إلى الخبراء في مجال المحاسبة وعمليات التدقيق الحسابية الخاصة بالمنشآت، خاصة عندما يتعلق النزاع بين شخصين أو شريكين يبنهما عمل تجاري أو معاملات مالية، فتقوم المحكمة بالاستعانة بخبير لديه المعرفة التامة بتحليل الأرقام والطرق المحاسبية، لمُساعدة المحكمة في استجلاء غموض أي عمليات حسابية أو استحقاقات مالية موضوع النزاع.
الفرق بين الخبير الاستشاري والخبير القضائي
هناك فرق جوهري بين الخبرة الاستشارية التي لا يشترط فيها صفة الخصم، والخبرة القضائية التي يأمر بها القانون والمحاكم العدلية، وفقاً لشروط والضوابط يحددها القانون، كما أن الخبرة الاستشارية لا يتساوى تقريرها من حيث الأخذ به كبينة قانونية، بينما يرقى تقرير الخبرة القضائية ليكون بينة قانونية معترف بها، ويؤخذ به كطريقة إثبات يعوّل عليها في الحكم.
شروط مزاولة مهنة الخبرة
وضعت المادة الثانية (2) من القانون شروط وضوابط مزاولة الخبراء لمهنة الخبرة أمام جهات القضاء في الدولة وهي:
- تجوز مزاولة مهنة الخبرة أمام جهات القضاء في الدولة للخبراء، والأشخاص الذين يتم الاتفاق عليهم من قبل الخصوم في الدعوى وتقر المحكمة اتفاقهم، أو غيرهم من المختصين الذين ترى جهات القضاء الاستعانة برأيهم فقط.
- تقوم الجهات القضائية المحلية بوضع القواعد والضوابط اللازمة لمزاولة مهنة الخبرة لديها بما لا يتعارض مع هذا القانون.
شروط القيد في جدول الخبرة
المادة الثالثة (3) من القانون وضعت شروطاً للقيد في سجل وجدول الخبرة حيث يشترط فيمن يقيد في الجدول ما يأتي:
- أن يكون الخبير ذا سيرة حسنة وسلوك قويم، ولم يُدان أو يُحكم في قضايا تمس الشرف والأمانة، حتى وإن رُد إليه اعتباره.
- أن يكون مؤهلاً في مجال تخصصه تأهيلاً جامعياً معتمداً من إحدى الجامعات أو المعاهد العليا المعترف بها.
- أن يمتلك خبرة لا تقل عن سبع سنوات للمواطن، في المجال، ولا تقل عن خمسة عشر سنة لغير المواطن في مجال الخبرة ذاتها.
- موافقة من الجهة التي يعمل لديها.
- اجتياز الإجراءات والاختبارات التي تقررها الوزارة.
التزامات الخبير – قانون الخبرة الاماراتي الجديد
يلتزم الخبير بما يأتي وفقاً المادة الحادية عشر (11) من القانون:
- التفاني في أداء مهمته، وتوخي الدقة والأمانة والإخلاص، بما يحفظ كرامة المهنة ويراعي أصولها وتقاليدها.
- ألا يوكل المهمة لغيرة، وأن يؤدي المهمة التي يعهد بها إليه بنفسه.
- أن يكون أميناً على المعلومات التي اطلع عليها بحكم قيامه بأعمال الخبرة ولا يفشيها لأحد.
- ألا تكون له أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في أي عمل يتصل بموضوع القضية.
- ألا تكون الجهة التي يعمل لديها طرفاً في النزاع الذي ينظره.
- عدم قبول أعمال الخبرة في نزاع سبق لأي طرف من أطراف النزاع أن استشاره فيه، أو أطلعه على مستندات تخص ذلك النزاع.
- أن يقوم بتحديث مهاراته وتطويرها في مجال تخصصه المرخص له بالخبرة فيه.
- أن يكون اسمه ورقم قيده واسم المكتب الذي يعمل من خلاله مقروناً بجميع مطبوعاته ومراسلاته والشهادات والتقارير الموقعة من قبله.
- إخطار الوزارة بعنوانه ومحل إقامته والمتغيرات التي تطرأ عليه في خلال شهر من حدوث التغيير.
- أن يخطر الوزارة بالتعديلات والتغيرات التي تطرأ على بيانات الترخيص خلال شهر من حصول التغيير.
- الاحتفاظ بسجل خاص مدوناً به بيانات أعمال الخبرة التي أنجزها.
- الاحتفاظ بصورة طبق الأصل من التقارير التي يعدها حتى صدور الحكم النهائي في القضية التي باشر الخبرة فيها.
المصادر:
[1] https://elaws.moj.gov.ae/UAE-MOJ_LC-Ar/00_%D8%AE%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D8%A1/UAE-LC-Ar_2012-10-10_00007_Kait.html?val=AL1