(اتفاق تاريخي سيكون له ما بعده في منطقة الشرق الأوسط من النواحي والاقتصادية والتنموية المتعددة، ومن شأنه أن يدعم السلام والتعاون في المنطقة)
على هذه القراءات المتفائلة توحدت رؤية المحللون السياسيون، والاقتصاديون والدبلوماسيون حول اتفاق السلام الإماراتي الإسرائيلي، مستشرفين تصريحات وتأكيدات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بأن الطرفان اتفقا على عدد من القضايا منها إيقاف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية، كما اتفقت الإمارات وإسرائيل على وضع خارطة طريق نحو تدشين التعاون المشترك وصولاً إلى علاقات ثنائية.
أسواق مفتوحة وأنشطة متعددة
و تشير التوقعات أن المزايا الاقتصادية للإتفاق الإماراتي الإسرائيلي سوف تتجاوز الحدود الضيقة للاتفاقيات الدولية التقليدية خاصة في ظل الاستقرار الاقتصادي والسياسي الذي تتمتع به الإمارات والبنية التحتية والتشريعية المتطورة، حيث تمتاز الإمارات بالأسواق المفتوحة لمختلف الأنشطة، والمزايا التي تؤهلها لتصبح من أنشط الأسواق العالمية في الاستيراد والتصدير، بالإضافة الى وجود العديد من المكاتب التمثيلية لمختلف الدول لمتابعة حركة التبادل التجاري بين دولة الإمارات والدول الأخرى. وهو ما دعا الى رفع توقعات المحللون الاقتصاديون أن الاتفاقية ستدفع عملية الاستقرار الاقتصادي بالمنطقة وستنطلق بها الى آفاق أرحب
النهوض بالمنطقة و تحفيز النمو الاقتصادي
تعمل آليات تنفيذ الاتفاق الذي شدد الطرفان على أن تبدأ سريعاً على قدم وساق ، حيث تستعد وفود من دولة الإمارات وإسرائيل خلال الأسابيع المقبلة للاجتماع للتوقيع على عدة اتفاقيات ثنائية ذات علاقة بمجالات الاستثمار والسياحة والرحلات الجوية المباشرة والأمن، وتكنولوجيا الاتصالات والطاقة والرعاية الصحية والثقافة والبيئة وغيرها من المجالات التي تعود بفوائد مشتركة لكلا الجانبين ، ولعل الفوائد الاقتصادية المتوقعة من الاتفاق وما ينتظر أن تجنيه المنطقة نتيجة ذلك من فائدة تدعم الاستقرار هي ما أشار له الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حين أشار في البيان الرسمي المُشترك الذي صدر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والرئيس الإسرائيلي نتنياهو والذي قال فيه (إن بدء علاقات مباشرة بين اثنين من أكبر القوى الاقتصادية في الشرق الأوسط، من شأنه أن يؤدي إلى النهوض بالمنطقة من خلال تحفيز النمو الاقتصادي، وتعزيز الابتكار التكنولوجي، وتوثيق العلاقات بين الشعوب ، ونتيجة لهذا الانفراج الدبلوماسي، تؤمن كل من الولايات المتحدة ودولة الإمارات وإسرائيل بإمكانية تحقيق إنجازات دبلوماسية إضافية مع الدول الأخرى، تشمل جوانب اقتصادية وتبادل تجاري وتنشيط للتعاون في مجالات عديدة واتفقت الدول الثلاث على نها ستعمل معاً لتحقيق هذا الهدف.
الاتفاقية والاقتصادية لتعزيز الشراكة
تناولت وسائل الإعلام في كل من الولايات المتحدة وإسرائيل الخطوات التي أعقبت توقيع الاتفاقية فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية منها حيث قالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية وقعّت على اتفاق تعاون مع شركة "غروب فورتي تو" (group 42) الإماراتية ، وأوضح موقع "إسرائيل هيوم" الإسرائيلي، أن الشركتين "ستتعاونان في مجالات البحث والتطوير، لإيجاد حلول تساعد في مكافحة انتشار وباء كورونا"، مشيراً إلى أن الاتفاقَ جرى عبر تقنيّة الفيديو بين الطرفين، التي عبّر من خلالها المدير العام للشركة الإسرائيلية عن سروره بالاتفاقية مع من وصفهم بـ"شركاء إسرائيل في أبو ظبي"، وأضاف نائب مدير عام الصناعات الجوية ومدير عام شركة "ألتا" يوآف تورجمان، أن "الصناعات الجوية مسرورة بالتوقيع على اتفاق التعاون هذا.. نحن فخورون بالارتباط بشركة Group 42 من الإمارات، وتشكيل بوادر أولى لأنشطة مشتركة مستقبلية بين البلدين".
الاستثمار الاقتصادي في المناطق الحرة
أجمع خبراء الاقتصاد على أن معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية ستركز في جوانبها الاقتصادية على الاستفادة في ما تقدمه المناطق الحرة في الإمارات من تسهيلات تجارية كبيرة للمستثمرين وإمكانية تملك الأراضي، والعديد من الإعفاءات الضريبية والجمركية بغرض تنشيط حركة العمالة وتأسيس الشركات وجذب رؤوس الأموال، وهو ما سوف يغري إسرائيل باغتنام هذه الفرصة الاستثمارية للاستفادة من ترويج صادراتها وانشاء أعمالها التجارية في الشرق الأوسط خاصة وأن الإمارات العربية المتحدة تمتلك بنيات تحتية مهمة ومتطورة في مجال المناطق الحرة بلغت (خمسين ) منطقة حرة منتشرة بأنحاء الأمارات ، وقد حرصت على أن تشمل العديد من القطاعات والأنشطة التجارية الرئيسية. في مجالات الصناعة والتجارة والصحة والتكنولوجيا والتعليم والاستشارات الهندسية والفنية وغيرها وقد تميزت هذه المناطق الحرة بقدرتها الفائقة على إدارة كل التنوع في الأنشطة الاستثمارية
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مقابلة مع قناة سكاي نيوز عربية، الإثنين، إن بلاده ستستورد من المناطق الحرة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
استثمارات الطاقة والتكنولوجيا
أما في مجال استثمار الطاقة فتوقع الخبراء أن يشهد هذا القطاع تطوراً كبيراً، لما تملكه الإمارات من إمكانات واسعة في مصادر الطاقة سواء التقليدية منها أو المتجددة أو النووية، ثمار المعاهدة الأمنية منها والاقتصادية ستلقي بظلال إيجابية على الاستثمار خاصة في قطاع التكنولوجيا وتوقع الخبراء أن تحتل قطاعات التكنولوجيا المتقدمة والطاقة والزراعة مقدمة القطاعات المستفيدة في المنطقة كنتائج لمعاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل، مشيرين إلى الإمكانات الاقتصادية الكبيرة للبلدين إن وتوقيع معاهدة السلام يفتح الأبواب أمام اتفاقيات ومشروعات واستثمارات وتعاون في عدة مجالات لتكون هذه المعاهدة بوابة لتغيير خريطة الحياة بالمنطقة في شتى المجالات.
ردود عالمية مرحبة
ردودُ أفعالٍ عالمية وصدى إقليمي واسع ومزيد من الترحيب لاقته (معاهدة السلام بين دولة الإمارات وإسرائيل)، كل هذه المواقف جاءت لتؤكد على أن المعاهدة هي خطوة إيجابية ومؤشر جيد نحو استقرار الشرق الأوسط واخماداً لفتيل النزاعات المشتعلة في المنطقة، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصف معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية بأنها عظيمة، والعالم كله يرحب بها، فيما قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن الولايات المتحدة ترحب بمعاهدة السلام، وتعتبرها خطوة مهمة نحو استقرار الشرق الأوسط.
الاتحاد الأوروبي عبر ايضاً عن ترحيبه بالاتفاقية عبر تصريحات المتحدثة باسم خدمة العمل الخارجي الأوروبي في بروكسل، التي أكدت أن الاتفاقية بين دولة الإمارات تصب في مصلحة البلدين وفي مصلحة الاستقرار الإقليمي ووصفت الاتفاقية بالممتازة وأشادت بها.
ومن العاصمة الفرنسية باريس أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون عن ترحيبه بالمعاهدة، واعتبرها (قراراً شجاعاً من جانب دولة الإمارات). وكان الرئيس ماكرون قد قال في تغريدته على تويتر (لدي أمل في أن يساعد هذا القرار في إرساء السلام العادل والمستدام بين الإسرائيليين والفلسطينيين). وكانت الخارجية الفرنسية قد أكدت في بيان لها صدر سابقاً (إن القرار الذي اتخذته السلطات الإسرائيلية في هذا السياق بإيقاف ضم الأراضي الفلسطينية هو خطوة إيجابية يجب أن تتحول إلى إجراء نهائي ورحب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بالاتفاق معلقاً بقوله (نأمل أن يكون هذا الاتفاق محطة انطلاق لتطورات إيجابية في المنطقة ويدفع بعملية السلام في الشرق الأوسط مجدداً). في إيطاليا أعربت وزارة الخارجية الإيطالية عن ترحيبها بالاتفاقية وبالعلاقات بين الإمارات وإسرائيل، وأعربت الخارجية الإيطالية في بيان أصدرته سابقاً أن (تعليق ضم أجزاء من الضفة الغربية يشكل تطوراً إيجابياً نرجو أن يكون في صالح عودة المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في إطار الجهود المبذولة لحل الدولتين).